إعلان علوي

تحديد مقصود الخطأ العقدي في القانون الجزائري


 تحديد مقصود الخطأ العقدي
يتمثل الخطأ العقدي في عدم تنفيذ المدين لإلتزاماته سواء كان ذلك عن عمد أو عن إهمال أو بغير ذلك، كما يتمثل عدم التنفيذ أيضا في عدم التنفيذ الجزئي أو التنفيذ المتأخر، أو لإمتناع عما يوجبه القانون أو كان بتنفيذ غير مطابق لما تم الاتفاق عليه، و يتحقق الخطأ أيضا إذا كان سبب عدم التنفيذ راجع إلى غش المدين، أما إذا كان عدم التنفيذ راجع إلى أسباب خارجية لا يد للمدين فيها كالقوة القاهرة أو السبب الأجنبي فإنه لا يكون مسؤولا(1) حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري: (( إذا استحال على المدين أن ينفذ التزامه عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين عن تنفيذ التزامه )).
كما يتضح من نص هذه المادة أن المسؤولية العقدية تقتصر على الحالات التي يستحيل فيها تنفيذ إلتزام عينا، و ذلك لأن الالتزام بدفع مبلغ من نقود يكون دائما ممكنا تنفيذه عينا فلا مجال فيه للمسؤولية العقدية، لأنه متى كان التنفيذ العيني ممكن فلا مجال للتعويض عن عدم التنفيذ.

أ- الخطأ العقدي في القانون المقارن:
لقد استند "دوما" و "بوتييه" و غيرهم من شراح القانون الفرنسي على القانون الروماني، بحيث إعتمدوا على نظرية تدرّج الخطأ و التي تقسم الخطأ بحسب درجة خطورته إلى: خطأ جسيم: لا يرتكبه حتى أكثر الناس إهمالاً، و الخطأ اليسير: لا يرتكبه شخص متوسط العناية، و خطأ تافه: و هو الذي لا يرتكبه الشخص الحريص.
فكان المدين لا يسأل إلا عن خطئه الجسيم إذا كان العقد في مصلحة الدائن وحده مثل عقد الوديعة أو الوكالة بدون أجر، و كان يسأل عن خطئه اليسير إذا كان في مصلح الطرفين مثل الإيجار، و يسأل عن خطأه التافه إذا كان العقد في مصلحته (المدين) وحده مثل عقد
العارية، غير أن هذه النظرية لم تجد تأييدا في الفقه و التشريع في فرنسا لأنها قامت على التفسير الخاطئ لنصوص وردت في قانون << جستنيان >> مما أدى إلى هجرها في القانون الفرنسي حسب المادة 1147التي قررت أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو تأخره فيه هو خطأ عقدي، بغض النظر عن السبب الذي أدى إلى عدم الوفاء.
و يلاحظ أن الفقه الإسلامي قرر مبدأ الالتزام بالعقود و الوفاء بما جاء فيها من إلتزامات و شروط و هذا لقوله تعالى: << يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود >> فأقر الفقهاء بأنه يجب على المدين قدر المستطاع أن يفي بالتزاماته عينا لأن التنفيذ هو الأصل و أن التنفيذ البدل "التعويض" لا يصح شرعا إلا عند تعذر الأصل، أما عند إستحالة التنفيذ بسبب فعل المدين أو خطئه وجب عليه الضمان.

ب- الخطأ العقدي في القانون المدني الجزائري:
نصت المادة 176 من القانون المدني الجزائري على القاعدة العامة للعقود التي تجعل المدين مسؤولا بمجرد عدم الوفاء ما لم يثبت أن سببا أجنبيا هو الذي حال بينه و بين الوفاء، و بتالي فإن هذه المادة هي التي تحكم الخطأ العقدي في القانون المدني الجزائري.
أما المادة 172 من القانون المدني الجزائري فهي تختص بتحديد مدى الالتزام ببذل عناية في الوفاء بالالتزام، فالخطأ العقدي كما سبق و أن أشرنا هو السبب فيما أصاب الدائن من ضرر، و يبقى المدين مسؤولا لنص المادة 172/2عن غشه و سوء نيته أو إهماله أو خطاه الجسيم، لقد ذهبت المحكمة العليا في قراراتها أن مجرد الإخلال بالتزامات العقد أو التقصير في تنفيذها هو خطأ عقدي، كما أن مجرد عدم الوفاء بالتزام في ميعاد المحدد يعتبر في ذاته خطأ تعاقديا، و كذلك عدم تنفيذ الالتزامات على الوجه المتفق عليه في العقد، كما أن مسؤولية الناقل تبقى قائمة عن الخسائر أو الأضرار التي تلحق البضاعة منذ تكفله بها حتى تسليمها إلى المرسل إليه و على ذلك فإن الخطأ العقدي هو انحراف إيجابي أو سلبي في سلوك المدين يؤدي إلى مؤاخذته و معيار الانحـراف
القانون المدني الجزائري، و هذه الفكرة مجردة يرجع في تحديدها إلى الرجل العادي في طائفة الناس التي ينتمي إليها المدين في نفس الظروف و الملابسات

ليست هناك تعليقات