إعلان علوي

شروط المسؤولية العقدية


شروط المسؤولية العقدية
نطاق المسؤولية العقدية نعني به المجال الذي تقوم فيه المسؤولية العقدية، أو بطريقة أخرى نعني به شروط المسؤولية العقدية كما يسمها البعض، و هناك من الفقهاء من أدرج نطاق المسؤولية في شرطين أساسيين ألا و هما: وجود عقد صحيح، و الإخلال بالتزام عقدي، غير أن هناك من الفقهاء من أضاف شرط ثالث ألا و هو : قيام المسؤولية العقدية في إطار عقدي أمثال الدكتور علي فيلالي:

الفرع الأول: وجود عقد صحيح.
لا يمكن الإدعاء بالمسؤولية العقدية إلا بوجود عقد بين الأطراف و أن يكون هذا العقد صحيحا، أما إذا لم ينعقد العقد بعد كأن يتضرر أحد الأطراف في مرحلة المفاوضات مثلا فلا مجال لقيام المسؤولية العقدية، و لا تطبق كذلك المسؤولية العقدية إذا كان العقد منعدمًا أصلا بين المسؤول و المضرور، كأن يقدّم أحدهما خدمة للثاني من باب الإحسان أو المجاملة، مثل ما هو الأمر في النقل المجاني
ويرى د/ حسن على الذنون و محمد سعيد الرحو أنه لا يمكن وضع قاعدة جامدة في كل حالات هذا النقل، و إنما نستطيع تقديم معيار هو << البحث عن نية الطرفين >> فإذا اتضح من الظروف و الملابسات أن نية الطرفين انصرفت إلى خلق التزامات بينهما فلا شك أننا نكون هنا أمام عقد نقل و أن المسؤولية الناجمة عن الإخلال بهذا الالتزام هي مسؤولية عقدية، و إلا كانت المسؤولية تقصيرية مثل: أن يدعو صديق صديقه للنزهة بسيارة فلا عقد بينهما لأننا نكون أمام عقد مجاملة لا علاقة قانونية، أما إذا دعا شخص آخر لنقله إلى مكان معين مجانا و كان يعلم أن وصوله في ميعاد معين تترتب عليه نتائج خطيرة، فإننا نكون أمام علاقة تعاقدية.
أما فيما يخص الخِطبة: فالرأي الراجح فقها و قضاءًا أن الخطة ليست عقدا و لا يترتب عن العدول عنها أية مسؤولية عقدية، بل يمكن أن تترتب مسؤولية تقصيرية في حالة الضرر الحادث عن العدول عن الزواج.
كذلك فيما يخص الحفلات و المسابقات: فإذا ما اجتمع الناس اجتماعا منظما غير عقدي كحفلات الزواج، أو عروض السرك، أو مشاهدة مبرآت كرة القدم و أصيب أحد المتفرجين بضرر فمن المسؤول و ما نوع المسؤولية؟
الرأي الراجح أنه إذا كان حضور للحفلة مجانا كحفلات الزواج...فإننا لسنا أمام عقد و إنما أمام مجاملة، و بتالي فلا مجال للمسؤولية العقدية إذا ما أصيب أحد بضرر في هذه الحالة بل المسؤولية هي تقصيرية، أما إذا كان حضور الحفلة أو المباراة بمقابل ككرة القدم... فهنا نكون أمام عقد و مسؤولية منظم الحفل أو المبارات هي مسؤولية عقدية و لا مجال للمسؤولية العقدية أيضا إذا كان العقد باطلا أو قابل للإبطال و تقرر إبطاله، و ليس أمام المضرور إلا المسؤولية التقصيرية، كما تستبعد المسؤولية العقدية في حالة الضرر الذي يصيب الأطراف بعد انقضاء الرابطة العقدية بسبب فسخها أو لأي سبب آخر، إلا أن هناك حالات يبقى فيها حتى بعد انتهاء العقد ملزما الأخـر بسلوك معين، إذ يـظـل

العامل ملزما بالحفاظ على أسرار العمل الصناعية و التجارية حتى بعد انتهاء عقد العمل، و يظل الطبيب ملزما بعدم إفشاء أسرار مريضه...إلخ في هذه الحالات و شابهها تكون المسؤولية عقدية إذا كان العقد ينص على هذا الالتزام حتى بعد إنتهاء العقد و تكون تقصيرية إذا كان القانون هو المصدر المباشر لهذا الإلتزام ( كما هو الحال بالنسبة للطبيب والمحامي).

الفرع الثاني: إخلال بالتزام عقدي.
يجب أن يكون الضرر الذي أصاب المضرور ناتجا مباشرة عن إخلال المسؤول بالتزاماته العقدية، و نذكر في هذا الشأن أن هذه الالتزامات هي من وضع و تحديد المتعاقدين، غير أنّه بمقتضى الفقرة 02 من المادة 107 من القانون المدني الجزائري (( ... لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة، بحسب طبيعة الإلتزام.)) فللمضرور إذن أن يدفع بالمسؤولية العقدية عند الإخلال بالإلتزامات التي تضمنها العقد صراحة و كذلك التي تدخل في دائرة التعاقد لكونها من مستلزمات العقد في ضوء الأحكام القانونية و العرفية و كذا العدالة و طبيعة المعاملة مثلا: مسؤولية رب العمل عن ضمان سلامة العامل مسؤولية عقدية كون قوانين العمل تنص على هذا الضمان.
كذلك عقد التعليم فإلى جانب تعليم التلميذ تلتزم المدرسة بضمان سلامته خاصة إذا كان التلميذ داخلي، و مسؤوليتها في ذلك هي مسؤولية عقدية(3).
الفرع الثالث: قيام المسؤولية في إطار عقدي.
بالإضافة إلى الشرطين السابقين يضيف الدكتور علي فيلالي شرطًا آخر ألا و هو قيام المسؤولية في إطار العلاقة العقدية و معنى ذلك أن يكون المتعاقد المدين أو الغير إذا كان تابعا له هو المتسبب في عدم تنفيذ الالتزام هو الذي أخل بالإلتزامات التي تحملها بموجب
العقد من جهة، و أن يكون المتضرر هو المتعاقد معه أي الدائن من جهة ثانية و يستند هذا الشرط إلى مبدأ نسبية آثار العقد، و مفادها أن آثار العقد تقتصر على طرفيه، فلا تكسب الغير حقا و لا تحمله واجبا و يجوز للمستفيد من الإشتراط لمصلحة الغير سواء أكان صريحا أو ضمنيا أن يطالب المتعهد بمسؤولية عقدية إذا إمتنع أو تأخر عن تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها، كما يستطيع المستفيد من الدعوى المباشرة أن يدفع هو كذلك بالمسؤولية العقدية، مثلا: يتضمن عقد نقل الأشخاص إشترطا ضمنيا لفائدة بعض أقارب المسافر مما يمكنهم من المطالبة بالمسؤولية العقدية.
و إذا تخلف شرط من الشروط الثلاث ، فلا مجال لتطبيق المسؤولية العقدية بل تكون العبرة بالمسؤولية التقصيرية و بعبارة أخرى تعتبر المسؤولية التقصيرية بمثابة الشريعة العامة التي يعتد بها ما لم تتوفر شروط المسؤولية الإستثنائية (العقدية)


ليست هناك تعليقات