جريمةالسرقة في القانون الجزائري
الجرائم الماسة بالمال :
أولا/السرقة:
حدد المشرع نصوصها القانونية في المواد من350-371، بحيث حدد ما معنى السرقة وحدد ظروف تشديدها بالإضافة إلأى تحديد جرائم تعتبر من ملحقات جريمةالسرقة كجريمة رفض دفع أجرة سيارة مستأجرة ، جريمة سرقة المواشي ، وجريمة نزع الحدود الفاصلة بين الأملاك ، بالإضافة إلىالإستيلاء على الأشياء المحجوزة سواء بالإتلاف أو التبذيذ .وإعتبرها المشرع من ملحقات السرقة لأن ظروف التشديد لاتلحقها فهي جنحة مستقلة تحتفظ بطابعها الخاص .
على العموم السرقة هي إختلاس مال منقول مملوك للغير بنية التملك بحيث يجب أن يكون ثمة فعل إختلاس والإختلاس هو الإستلاء على حيازة الشيء دون رضى المالك أوالحائز، وهناك من يعرفها بأنها نزع الشيء أو نقله أو أخذه دون رضى مالكه ، وعليه فإذا إستولى شخص على حيازة غيره يعد سارقا،وإذاتسلم شخص مال من المجني عليه على شرط رده وقام بإسترداده بأي طريقة من الطرق فلايعد هذاسرقة، فلابد من تحقق الإستيلاء على الحيازة القانونية للشيء دون رضى المالك أو الحائز،بالإضافة إلىكون موضوع الإختلاس مال قابل للتملك ومنقول ، واخيرا أن يكون المال المنقول مملوكا للغير .
1/تحقق الإستيلاء:
ويقصد به إخراج الشيء من حيازة المالك أوالحائز، وإدخاله في حيازة شخص آخر ، كأن يأمر شخص بأخذ مال من جيب الضحية ويضعه في جيب شخص آخر ، فهنا يهد سارقا ، ولكن إذا إقتصر فعل المتهم على إخراج الشيء من حيازة صاحبه دون الإدخال في حيازته أو حيازة شخص آخر فلا يعد سارقا ، كإطلاق طائر من قفصه ليسترد حريته فلا يعد الفاعل سارقا ، وكذلك إنتقال الشيء في حيازة الشخص بنية التملك يعد سارقا ولو لمدة قصيرة ، كأن يقوم بإختلاس طعام أو شراب ويقوم بتناوله في الحال أو إختلاس شيء ليتصرف فيه غيره ، كذلك فعل الإختلاس كائن حتى وإن كانت حيازة الشخص غير مشروعة ، فمن سرق مالا مسروقا يعد سارقا ، ولكن إذا كان السارق هو المالك للشيء المسروق فلا يعد سارقا ، يترتب على ذلك مايلي : إذا كان الشخص حائز على شيء بصفة مالك أو مستأجر في الأصل وإستولى على هذا الشيء وفقا لذلك فلا يعد سارقا ، أما إذا كان الشيء في حيازة الآخر حيازة عرضية كأن يسلم البائع الشيء للمشتري ليطلع ويعاينه ثم يفر بالشيء قبل شرائه فيعد سارقا.
2/عدم رضى المالك :
والمقصود به عدم رضى المجني عليه بالإختلاس وليس عدم علمه ، فعدم الرضى هو الأهم في جريمة السرقة فقد يكون المجني عليه عالما بوقوع الإستيلاء على الشيء الذي في حيازته ، ومع ذلك تقع السرقة إذا كان غير راضي على ذلك ، ويلاحظ أن الرضى المعاصر لفعل الإختلاس ينفي الجريمة أما إذا كان لاحقا فلا ينفي الجريمة .
3/موضوع الإختلاس مال قابل للتملك ومنقول:
فلا يصح أن يكون الشيء موضوعا لجريمة السرقة إلا إذا كان مالا وهو كل شيء يمكن أن يكون محل حق من الحقوق المالية بمعنى أن يكون قابلا للتملك ، وبالتالي الإنسان لايمكن أن يكون محلا للسرقة فهو لايباع ولايشترى ، وكذلك يجب أن يكون ذا قيمة فإذا تجرد من قيمته فلا تقع جريمة السرقة . غير أنه يستوي أن تكون قيمة الشيك صغيرة أو كبيرة .
فإذا تحقق أن يكون موضوع الإختلاس أنه قاب للتملك وذا قيمة ، فلا أهمية لأن تكون الحيازة مشروعة أو غير كذلك ، فيكفي أن تكون محل إختلاس ناتجة عن مخدرات أو أسلحة أو نقود ناتجة عن قمار .
إلى جانب ذلك يجب أن يكون منقولا أي يستطاع نقله من حيازة إلى أخرى ولو كان عقارا وفقا للقانون المدني فالعقارات بالتخصيص ك الجرار فهو منقول في القانون الجنائي رغم أنه رصد لخدمة هذا العقار فمن يختلس أدوات زراعية خصصت للأرض يعد سارقا ، ويعتبر منقولا العقار بالإتصال كالأبواب والنوافذ إذا فصلت عن المبنى وكذلك الأشجار والمحاصيل الزراعية إذا فصلت عن الأرض وكذلك الأتربة والرمال والمعادن بشرط أن تفصل عن الأرض ، وهذا حتى إن تم الفصل من الجاني ، يشترط أن يكون المال منقولا ذا طبيعة مادية ، يعتبر كيان ملموس قابل للحيازة ، وبالتالي لاتقع جريمة السرقة إذا تعلق الشيء بالموال المعنوية كالأفكار والآراء والمخترعات ، غير أن إختلاس المستندات المجسدة لهذه الأفكار والآراء و المخترعات كالكتاب المدون لها يعد سارقا ، فالحقوق العينية لاتصل أن تكون محلا للسرقة كمن يستأجر مسكن ويقيم فيه ويرفض الخروج فلا يعد سارقا لأن له حق الإنتفاع ، كما لاتقع السرقة على القوة الطبيعية كالضوء والحرارة والبرودة ، فمن وضع طعام على نار أوقدها غيره أو قام بتبريد طعامه في ثلاجة غيره لا يعد سارقا لأن ثمة إعتداء على القوة الطبيعية ولكن إذا وقع إختلاس على المصدر فيعد سرقة ، إذ يشترط في السرقة تحقق الكيان المادي ويستوي أن يكون الشيء ذا طبيعة صلبة أو غازية .
على العموم تدخل المشرع إستثناء في النص على مختلس المياه والغاز والكهرباء في نص م350، فلولا هذا النص لما خضع سارقها إلى احكام نص م350 كون موضوع الإختلاس قوة طبيعية .
ويبقى الإشكال بالنسبة لسرقة الهاتف فيلاحظ أن سرقة الخط أو الآلة المستعملة المتمثلة في الهاتف فهي جريمة سرقة ، أما سرقة المكالمات فالأصل أنها غير معاقب عليها غير أن المشرع تدخل ونص على عقوبات خاصة بمثل هذه الجريمة(ج.الإعتداءعلىحرمةالحياة الخاصة).
4/المال موضوع الإختلاس مملوكا للغير :
فإذا كان للمتهم فلا تقع السرقة ، وإذا تعلق الأمر بأشياء محجوزة قضائيا أو إداريا فإستولى عليها الجاني فنكون في هذه الحالة أمام جريمة خاصة ، وهي تبذيذ أشياء محجوزة موضوعة تحت حراسته م 564، كذلك إختلاس الأشياء المبددة التي كانت موضوع حجر فتخضع لنص م365 ، وكذلك الأموال الواقع عليها رهن ضمانا للدين فهي كذلك تخضع لنص م364 وليس لنص السرقة م350 ، لأن المال في أساسه مملوك للجاني وتصرف فيه ، خارج هذه الحالات إذا ثبتت ملكية الجاني للمال محل السرقة فلا يعد سارقا أي في غياب الجدران أو حجز وإستولى الشخص على الشيء فلا يعد سارقا.
أما إذا كان المال مملوك للغير ويكون مجهولا أو مفقودا فيثير ذلك عدة إشكاليات ، فالمال المفقود لايعد مالا مباحا أو متروكا بل هو مال مملكوك لصاحبه ، فإلتقاط شيء بنية رده إلى صاحبه لايعد سارقا ، أما إلتقطه بينة تملكه فيعد سارقا ، وقد يلتقط شيء بنية رده فتسوء نيته ويريد تملكه ، فهناك من يعتبره لايشكل جريمة لأن نية التملك غير معاصرة لفعل الإلتقاط ، بحيث يشكل بذلك جريمة خيانة الأمانة أكثر من جريمة السرقة.أما المال المكنوز فهو المال الذي يعثر عليه مدفونا في عقار دون أن تثبت ملكيته لأحد ، فيلاحظ هنا أنه إذا عثر عليه ذاخل ملكيته فلا يعد سارقا والعكس إذا عثر عليه خارج ملكيته .
والأموال المودعة في قبور الموتى والمودعة مع جسم الميت يشكل الإستيلاء عليها سرقة بالإضافة إلى الإعتداء على حرمة الموتى .
فالأموال غيرالمملوكة لأحد وهي تتنوع أموال مباحة وأموال متروكة ، فالأموال المباحة التي لامالك لها ولايمكن تملكها بوضع اليد عليها كالحيوانات الأليفة ، الرمال في الصحراء ، الأشجار في الغابات ، فهذه كلها لامالك لها ولايمكن تملكها ، فالسرقة لا تقع عليها ولكن إذا إستولى عليها شخص فيما بعد دخولها في حيازة صاحبها فيعد سارقا ، كأن أخذ قطع خشب من الغابة فهنا يعد سارقا لأن هذه الأخشاب إنتقلت إلىالضحية ، اما الأموال المتروكة فهي التي يعترف مالكها بنية التخلى عنها كالثياب البالية ، بقايا الطعام ، بقايا الأغصان وغيرها فالإستيلاء عليها لايعد سرقة .
على العموم يشترط أن يتوافر في الجريمة الركن المعنوي ، والمتمثل في القصد الجنائي أي الإٍرادة والعلم ، إرادة فعل الإختلاس التي تتجه إلى إخراج الشيء من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازته ، علاوة على ذلك يجب أن يتوافر لدى الجاني العلم بأن هذا الشيء ملك للغير وأنه يقوم بفعل الإختلاس بدون رضى المجني عليه ، فإذا كان الجاني يجهل أن الشيء من حيازة الغير فلا يعد سارقا كأن يحمل حقيبة من مكان لآخردون علمه أن الأشياء الموجودة داخل الحقيبة مملوكة للغير.
علاوة على ذلك لابد من توفر قصد خاص وهو نية التملك أي يباشر عليها السلطات التي يمتلكها المالك ، وبالنتيجة إذا إقتصرت نية الجاني على مجرد حيازة الشيء حيازة ناقصة تخلف القصد الخاص ، فمن يسرق كتابا لقراته وإرجاعه إلى صاحبه لاحقا فلا يعد سارقا ، وإختلاس سيارة للنزهة بها ثم ردها لايعد سارقا ، وإنما يمكن يتابع على سرقة البنزين أو الوقود لأنه إستعملها وهو يعلم أنها ليست ملكه.
إضافة إلى أن وضع اليد العارضة على الشيء لايعد سرقة نلاحظ أن نتيجة الإثراء على حساب الغير ليس شرطا في توافر القصد الجنائي ، فمن إختلس شيء ثم وهبه إلأى شخص آخر أو أتلفه يعد سارقا ، حيث يجب أن يكون القصد الجنائي معاصر لعملية الإختلاس والقصد اللاحق لايعتد به .
أضف تعليق