إعلان علوي

العقد وسيلة إثبات في القانون الجزائري


العقد وسيلة إثبات 
قد يستند أحد أطراف الخصومة على عقد لم يكن طرفا فيه فالعقد يستند إليه كمجرد واقعة للإثبات ولا يمكن المساس بمبدأ نسبية العقد هنا ، فالعقد وسيلة للتعويض يستند إليها المتعاقد، كعقد عمل الذي يستند إليه في تعويض ضرر أصاب شخص مرتبط بعقد عمل مماثل .
ويستطيع القاضي الأخذ بعين الاعتبار عقدا كان فيه المتنازعين من الغير- حتى ولو لم يتمسك به أطراف النزاع  - كقرينة قضائية لأنه ملزم بالأخذ بعين الاعتبار كل واقعة قانونية لتحقيق العدالة بما في ذلك العقد كمصدر للمعلومات ، وذلك لتحديد قيمة الشيء مثلا أو لحساب التعويض ، كما يمكن أن يكون العقد مؤشر لتحديد مقدار النفقة العائلية . ويمكن تشبيه العقد في هذه الحالة بأنه في حالة ركود  .
فضرورة احترام العقد من طرف الغير نابع من فعالية العقد ذاته أي أنه أمر متلازم معه ، فما هي أهمية إبرام العقد والإقرار له بقوة إلزامية إذا استطاع الغير تجاهله ، فلا يكون للعقد وجود قانوني إلا فيما بين المتعاقدين كوسيلة إثبات وليس لإنتاج آثار قانونية في مواجهة الطرف الآخر  .
إن استعمال العقد كوسيلة إثبات باعتباره مجرد واقعة موجودة  دون قصد تحميل الغير التزاما أو إكسابه حقا يعد تطبيق لمضمون النفاذ.
ولكن هل يمكن الغير في حالة منازعته  الاستناد إلى العقد لإثبات حق وهل يمكن المدعى عليه الاستناد إلى مبدأ نسبية العقد لدفع دعوى الغير أو كأساس لرفع دعواه عندما يحتج عليه بالعقد لتحقيق آثار قانونية أي اعتبار الاحتجاج بالعقد عنصر فعال له دور إيجابي في حل النزاع وليس مجرد مصدر للمعلومات.
يلاحظ أن دليل الملكية العقارية في الأراضي التي تم مسحها هو الدفتر العقاري  لكن هل يمكن اللجوء إلى العقد في المناطق التي لم يتم فيها مسح الأراضي ولم يمكن  إثبات الحيازة طويلة المدة ؟
ففي مجال الإثبات لا يحتج بالعقد باعتباره ناقلا للملكية ليرتب آثاره ، فالمدعى عليه هو أجنبي عن العقد ولكن فقط كوسيلة إثبات لا تؤدي إلى ترتيب العقد لأثره كما في حالة البيع في مرض الموت ( عقد بيع لم يشهر )أو أي عقد طعن فيه الورثة بعد وفاة مورثهم أو الدائنين عند الطعن بأن التصرف هبة وليس بيعا، فالمتعاقد سيحتج بالعقد ولكن السند الذي يحتج به الشخص ما هو إلا وسيلة إثبات بتوافر شروط التقادم المكسب، فعدم شهر العقد لا يمنع من استعماله كوسيلة إثبات ولكن  بشرط ألا يكون ذلك في مواجهة الغير الذي يكون قد أشهر حقه ( كخلف خاص، دائن مرتهن ) باعتباره سند صحيح يكسبه الملكية بالتقادم القصير.
فعدم احترام قواعد الشهر لا يمنع المتعاقد من الاستناد إلى العقد كوسيلة إثبات بشرط ألا يكون النزاع خاص بحق مشهر أو ضد متعاقد له حق معارض مشهر كخلف خاص لنفس المتصرف أو صاحب حق عيني تبعي مشهر .
فيمكن الاستناد إلى عقد لكسب الملكية بالتقادم بالاستناد إلى العقد المبرم مع الغير لإثبات السبب الصحيح كأساس للحيازة بالتقادم القصير إذ لا يشترط عقد الشهرة لدفع دعوى الغير بل يكفي توافر شروط الحيازة ولا يعد عقد الشهرة شرط من شروط التقادم المكسب.
 حيث يتبن من القرار  أن قضاة مجلس قضاء  مستغانم رفضوا دفع المستأنف المستند إلى التقادم بحجة أنه لم يثبت ذلك حسب مقتضيات المرسوم 83-352  بينما  في هذا الموضوع رأت  المحكمة العليا أن (( قضاة المجلس  جعلوا التقادم المكسب مرهون بإجراء عقد الشهرة والقانون لا يشترط ذلك فهم بذلك أساءوا تطبيق القانون.)) وبالتالي يكفي العقد كأساس للسند الصحيح ، ويمكن الاحتجاج به
فإذا كان العقد صادر إلى حائز باعتباره خلفا خاصا ومن شأنه نقل الملكية كالبيع والهبة    فلا  يشترط في هذا العقد أن يكون مشهرا لأنه لو كان كذلك كان  ناقلا للملكية في حد ذاته ، فهو يغطي العيب الناجم عن عدم ملكية المتصرف ويمكن الاستناد إليه كسند صحيح  في مواجهة الغير سواء المالك الحقيقي أو الورثة وهذا دائما على أساس قواعد النفاذ.
كما يمكن الاستناد إلى العقد كواقعة للإثبات عندما ترفع دعوى إثراء بلا سبب على شخص ، فيمكنه الاستناد إلى عقد أبرمه مع الغير لدفع هذه الدعوى إذ الإثراء لابد أن يكون بدون سبب قانوني ، فيمكن الشخص دفع دعوى الإثراء إذا أثبت أن السبب القانوني هو العقد الذي يكون قد أبرمه مع الغير 
فإذا رجع من قام بأعمال الصيانة لحساب المنتفع على مالك الرقبة بقواعد الإثراء بلا سبب يستطيع هذا الأخير الاستناد إلى العقد المنشئ لحق الانتفاع لتبرير أن أعمال الصيانة تقع على عاتق المنتفع في فترة الانتفاع عملا بالمادة 848 مدني ، وأن ثراؤه له مبرر قانوني، فالعقد هنا له دور فعال في إثبات سبب الإثراء وهذا متعلق بقواعد نفاذ العقد الذي لا يمكن تجاهله.

ليست هناك تعليقات