مظاهر نفاذ الحق العيني في ق ج
نفاذ الحق العيني
ثانيا / مظاهر نفاذ الحق العيني
أن نفاذ الحق العيني ناتج عن مضمون هذا الحق ذاته الذي يمنع الاعتداء عليه
ويتمثل الجزاء دائما في التعويض العيني ويعني إيقاف الضرر أو وضع حد للتجاوز أو استرجاع الشيء وذلك دون النظر إلى الضرر الذي يصيب المالك ولا إلى الخطأ الذي ارتكبه الغير فالطابع المانع لصاحب الحق العيني وخاصة حق الملكية يؤدي إلى استبعاد الحقوق المنازعة له في إطار الشيء موضوع الحق فيستطيع المالك رفع دعوى استحقاق أو استرداد.
و من مظاهر الحق العيني أيضا ، حق التتبع فيستطيع صاحب حق الارتفاق ممارسة حقه على العقار المرتفق به دون الاعتداد بالملاك المتتابعين وأيضا صاحب الرهن الرسمي يتتبع العقار في أي يد كان .
كما يمنح الرهن الرسمي الدائن المرتهن الأولوية في استيفاء حقه متقدما على الدائنين التاليين له في المرتبة.
ومهما حاول المشرع من التضييق من هذا الحق فيظل هذا هو الطابع المميز له ، فالدستور يحمي الملكية الخاصة للأفراد ويمنع الاعتداء عليها.
إن الحق العيني هو حق مانع خاص بصاحبه لا يجوز للغير الاعتداء على هذا الحق ويعني هذا سواء كان اعتداء مادي أو قانوني كالبيع أو رهن ملك الغير أو إيجار ملك الغير أو يرتب حقوق أخرى بدون موافقة صاحب الحق العيني .ويعتبر التعدي على حق الملكية ، تعديا على حق استئثار المالك بملكه ولو لم يلحقه ضررا ، ويجب أن يكون جزاء الاعتداء على حق عيني هو التعويض العيني ولا يمكن فرض التعويض بمقابل على المتضرر وإنما له الخيار بين التنفيذ العيني والتنفيذ بمقابل
ويرتب على عدم نفاذ هذه التصرفات أن صاحب الحق العيني يسترد حقه بينما في الحق الشخصي غالبا ما يكون التعويض العيني غير ممكن ويترتب على الاعتداء على الحق الشخصي التعويض النقدي فقط وبالتالي يختلف نفاذ الحق الشخصي على نفاذ الحق العيني من حيث الفعالية ، وهذا يظهر من خلال الجزاء المترتب على نفاذ الحق الشخصي.
وهناك حالات قليلة يكون فيها استرجاع الحق العيني مستحيلا وهذا تطبيقا لقواعد الجوار بحسن نية على جزء ملاصق لأرض الجار وهذه المجاوزة البسيطة قد لا تتجاوز سمك الحائط( المادة 788 مدني ).
وتعد هذه الصورة تطبيقا لإحدى صور التعسف في استعمال الحق إذ تكون فائدة المالك قليلة بالنظر للضرر الذي يصيب الغير فيُفضل هذا الغير على المالك ويكون الجزاء هو التعويض فقط .
كما تعتبر قواعد البناء على ملك الغير بحسن النية استثناء من الفعالية المطلقة للحق العيني بحيث لا يستطيع صاحب الحق المطالبة بالتعويض العيني. ولا يجوز لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة ( التنفيذ العيني ) بل عليه دفع تعويض لصاحب المنشآت وأن يخير بين دفع قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أو دفع ما زاد في قيمة الأرض ويعد هذا تطبيقا لقواعد الإثراء بلا سبب ويقدر ذلك وقت استرداد العقار .
ويلاحظ أنه إذا بلغت هذه المنشآت حدا من الأهمية وأصبح التعويض مرهقا لصاحب الأرض فلا يمكنه أيضا أن يطلب إزالتها بل يجوز له أن يطلب تمليك الأرض لصاحب المنشآت مقابل دفع هذا الأخير تعويض عادل ، وهذا ما تضمنته المادة 785 مدني التي تنص على ما يلي : (( إذا كان من أقام المنشآت المشار إليها في المادة 784 يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها فليس لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة وإنما يخير بين أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو مبلغا يساوي ما زاد في قيمة الأرض بسبب هذه المنشآت هذا ما لم يطلب صاحب المنشآت نزعها
غير أنه إذا كانت المنشآت قد بلغت حدا من الأهمية وكان تسديدها مرهقا لصاحب الأرض جاز له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل. )) .
ويستطيع صاحب الأرض ( المالك ) من باب أولى أن ينزل عن المنشآت دون الأرض وذلك بمنح صاحب المنشآت حق السطحية فقط.
وعلى كل ففي جميع هذه الحالات لا يمكن صاحب الحق العيني (المالك) المطالبة باسترداد ملكه وإزالة المنشآت إلا إذا كان من أقامها سيئ النية
ألاحظ عموما أن هناك استثناءات ترد على نفاذ الحق العيني بالنسبة للحق العيني الوارد على منقول تطبيقا لقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز ويشمل ذلك تملك الغير للمنقول وأيضا الثمار .
كما أن قواعد النفاذ لا تعمل في مجال الأوضاع الظاهرة ، فإذا تمسك الشخص بنظرية الأوضاع الظاهرة وتوافرت شروطها فيؤدي ذلك إلى استبعاد قواعد نفاذ الحق .
كما أنه بالنسبة للأوضاع الظاهرة التي تنشأ عن الملكية المعلقة على شرط فاسخ والأحوال التي تزول فيها الملكية بأثر رجعي عموما ، فعندما يستعيد المالك ملكيته وفقا للأثر الرجعي للفسخ تظل الحقوق التي رتبها المالك الذي زالت ملكيته بأثر رجعي قائمة ولا يستطيع مطالبة الغير أصحاب هذه الحقوق باسترداد العين خالية منها ، ولا يمكن في هذه الحالة إلا مطالبة من رتبها بالتعويض أي المدين أو المالك السابق بالتعويض .
وقد أقر المشرع هذا المبدأ في حالة الرهن الذي تزول ملكية الراهن فيه بأثر رجعي فقرر بقاء حق الدائن المرتهن قائم ونفاذه في مواجهة المالك الحقيقي. إذ تنص المادة 885 مدني أن على: (( يبقى صحيحا لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر إذا كان ثبت أن الدائن كان حسن النية وقت إبرام عقد الرهن .)) .
و أرى أن نفاذ الحق العيني يحقق فعالية مطلقة وأن هذه الاستثناءات الواردة عليها لا تعني عدم إمكانية مطالبة صاحب الحق الغير بالتعويض العيني إذا ما اعتدي على ملكيته ولكن هي قواعد أقرها القانون عموما كاستثناء عن نفاذ العقد ، والاستثناء يؤكد القاعدة.
أضف تعليق