إعلان علوي

حــــق الزوجـــة المطلقــة في المتعــة


 حــــق الزوجـــة المطلقــة في المتعــة
تعد المتعة من الحقوق الماليـة التي تحكم بها المحكمة لفائـدة الزوجة المطلقـة ، جبرا لخاطرها و تعويضا لها عما لحق بها من ضرر معنوي بسبب انحلال العلاقة الزوجية عن طريق الطلاق أو التطليق ، حيث تجد سندها الشرعي في قولـه تعالى : ) لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة و متعوهن على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنيـن و للمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ( (2) ، و قوله تعالى : )  يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المومنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن و سرحوهن سراحا جميلا ( (3) ، ذلك أنه إذا كان المذهب المالكي بالخصوص يترك للزوج حرية منح المتعة لزوجته المطلقة حسب إرادته، إن شاء تطوع و إن شاء امتنـع على اعتبار أنها مندوبة و ليست واجبـة في حق كل مطلقـة ، إلا التي تطلق قبل الدخول و قد سمي لها صداقها لأن نصف الصداق الذي تستحقه يقوم مقام المتعة ، فإنها في مدونة الأسرة تكتسي طابعا إلزاميا ، باعتبارها من مشتملات مستحقات الزوجة المطلقة طبقا للمادة 84 من مدونة الأسرة ، حيث تراعي المحكمة في تقديرها عدة عناصر منها فترة الزواج و أسباب الطلاق وحـال الزوجة إضافة إلى الوضعية المالية للزوج (1) ، مع مراعاة مسؤولية الزوج المتسبب في الشقاق الذي أدى إلى تفكك الأسرة ، و ذلك تكريسا لطابعها التعويضي لفائدة الزوجة المطلقة ، حيث تنص المادة 84 أعلاه على أنه : » ... و المتعة التي يراعي في تقدرها فترة الزواج و الوضعية المالية للزوج ، و أسباب الطلاق ، و مدى تعسف الزوج في توقيعه ... « كما تنص كذلك المادة 97 من المدونة على أن المحكمة عند حكمها بالمستحقات تراعي مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق في تقدر ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر ، لكن التساؤل الذي يطرح بإلحاح في هذا الصدد : كيف يمكن الحكم بالمتعة لفائدة الزوجة رغم ثبوت مسؤوليتها في الشقاق الذي أفضى إلى الحكم بالتطليق ؟ .
من الإشكاليات العملية التي أسفرت عنها التطليق القضائي لمدونة الأسرة بخصوص التطليق للشقاق ، أن الزوجة قد تتقدم بالدعوى و عند إجراء المحكمة لمحاولات الصلح بين طرفي النزاع ، يتبين لها أنها هي التي ساهمت بشكل مباشر فيما قد يترتب عنه من آثار تؤدي إلى تفكك الأسرة ، ومع ذلك تحكم لها بالمتعة رغم الأضرار المادية و المعنوية التي تصيب الزوج من جراء ذلك ، و إن كان القانون بالمقابل يخول له حق المطالبة بالتعويض ، مما يعكس التناقض الحاصل في مدونة الأسرة على هذا مستوى ، حيث كيف يمكن للشخص نفسه أن يكون دائنا و مدينا في نفس الدعوى ؟ لذلك يبقى الحل في اعتقادنا تحقيقا للعدل و الإنصاف جعل مبلغ المتعة بسيط جدا يكون له بعد رمزي أكثر منه تعويضي ، فقط حفاظا على طابعها الإلزامي الذي يدفع المحكمة إلى الحكم بها في إطار احترام القضاء لمبدأ سيادة القانون .










ليست هناك تعليقات