إعداد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
إعداد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
بعد انتهاء اللجنة التحضيرية من إعداد مشروع الاتفاقية المتعلقة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية وإحالته إلى المؤتمر، وذلك في آخر اجتماع لها الذي عقدته في الفترة من 16 مارس إلى 03 أفريل 1998 انعقد المؤتمر الدبلوماسي في روما في الفترة من 15 يونيو إلى17 يوليو 1998 وذلك في مقر منظمة الأغذية والزراعة وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت من الأمين العام أن يدعو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أو الأعضاء في الوكالات الدولية المتخصصة أو الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المشاركة في المؤتمر، وقد شاركت في المؤتمر وفود 160 دولة و 17 منظمة غير حكومية، وبعدها تم عرض المشروع على المؤتمر والذي بدوره أحاله إلى اللجنة التحضيرية وبناءا على المداولات توصل المؤتمر إلى اعتماد نظام روما الأساسي والذي وافقت عليه 120 دولة واعترضت سبعة دول هي الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل، الصين، الهند، العراق، ليبيا وقطر، بينما امتنعت 21 دولة عن التصويت واعتمد المؤتمر النظام الأساسي وفتح باب التوقيع عليه في 18 يوليو 1998 حتى 17 أكتوبر 1998وذلك في مقر وزارة الخارجية الإيطالية ولغاية 31-12-2000 الموعد النهائي لقبول التوقيعات وقعت عليه 139 دولة وذلك بهدف إنشاء المحكمة الجنائية مع العلم أن هذا كان شيئا مشجعا جدا وهذا يبين الدعم الواسع لهذه المؤسسة الدولية التي ستساهم لوضع حد لثقافة اللاعقاب والذي سيجعل القرن الواحد والعشرين قرنا مختلفا في النوعية عن القرون السابقة مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية قد عارضت معارضة شديدة فكرة إنشاء المحكمة وأرادت إقناع دول بالدخول في اتفاقيات للإفلات من العقاب وكان هدفها منع تسليم رعاياها المتهمين بالإبادة الجماعية أو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقد فزعت منظمة الأمم المتحدة حيال توقيع دولتين اثنتين هما رومانيا وطاجكستان، وهذا يعتبر خرقا للمادة 86 من قانون روما.
بعد المعارضة الشديدة لأمريكا وقعت على المعاهدة ولحقت بها كل من إسرائيل وإيران في آخر لحظة قبيل منتصف ليل 31-12-2000 وسبب التوقيع هو من أجل البقاء في اللعبة للتأثير على طريقة عمل المحكمة، وهذا لا يعني التخلي عن تحفظات واشنطن كما أضافت الولايات المتحدة الأمريكية التزامها لجهة مبدأ المسؤولية .
أما بالنسبة للدول العربية التي صادقت على معاهدة روما فكانت: البحرين، مصر، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، الكويت، المغرب، عمان، سوريا، السودان، اليمن، وبالنسبة إلى لبنان فقد حضر أعمال المؤتمر في 1998، ولكنها رفضت التوقيع دون أن توضح الأهداف والأسباب القضائية والسياسية التي أدت إلى هذا التمنع.
إن هدف قانون روما الأساسي وغرضه هو وضع حد للإفلات من العقاب من أسوأ الجرائم الممكنة في العالم طبقا لمبدأ التكامل الذي يلقي المسؤولية الأولية في فتح تحقيق بشأن هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها على عاتق الدول ويضمن للمحكمة القدرة على ممارسة ولايتها القضائية عندما تمتنع الدول عن النهوض بمسؤوليتها وأحد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها قانون روما الأساسي وهو أنه ليس من أحد فوق القانون ويتمتع بالحصانة عن ارتكابه الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب، ولذا يجب أن تؤول أي استثناءات محتملة من هذا المبدأ في قانون روما الأساسي على نحو صارم وبطريقة تتسق وهدف قانون روما الأساسي وغرضه وهذا مبين في المادة 98() .
وعلى كل حال فإن نظام روما الأساسي قد اشترط في المبادئ العامة للقانون الذي تطبقه المحكمة الجنائية الدولية الشروط التالية:
1- أن تكون المبادئ مستخلصة من النظم القانونية المعترف بها في العالم.
2- عدم تعارض هذه المبادئ مع نظام روما الأساسي وكذلك القانون الدولي أو القواعد والمعايير المعترف بها دوليا.
3- أن تكون هذه المبادئ متسقة مع حقوق الإنسان.
بعدما تم التعرف على أهم المبادئ الأساسية لمؤتمر روما، وهدف القانون الأساسي وغرضه نتطرق في مطلب أول إلى مرحلة المفاوضات ومطلب ثان لطرح النظام للتوقيع والمصادقة.
أضف تعليق