إعلان علوي

إلزام الغير ونفاذ العقد بالنسبة للالتزامات العينية في القانون الجزائري


إلزام الغير ونفاذ العقد
اولا بالنسبة للالتزامات العينية
فعندما ينتقل حق الارتفاق إلى الخلف الخاص مثلا فهذا نتيجة للطبيعة الخاصة للحق العيني الذي تجعله ينتقل إلى الخلف الخاص فما يميز الحق العيني هو انتقاله إلى الخلف الخاص لارتباطه بالعين ارتباطا وثيقا.
 وإذا كان هذا يفسر انتقال حق الارتفاق فعلى أي أساس يلتزم بالتزامات شخصية وهي التزامات عينية في إطار الحق العيني ذاته كالتزام حائز العقار المرهون  أو مالك الحائط المشترك وصاحب العقار المرتفق به؟
وهذه الالتزامات العينية تنظم علاقات بين حقوق عينية متنافسة لضمان حسن استغلال صاحب الحق لحقه سواء كان صاحب حق عيني أصلي أو حق تبعي أو حق جزئي.
فالالتزامات العينية هي في الأصل التزامات شخصية ولكن نظرا لكونها متصلة بالعين تنتقل معها إلى المالك المتتابع للعين ويستطيع التحلل منها بترك العين.وصفة الشخص الملزم في الالتزام العيني تتحدد في كونه مالك للعين .
و لا يفرض الالتزام العيني على مالك العين المثقلة به احترام حق الغير فقط كحق ارتفاق مثلا بل يفرض عليه القيام بالتزامات إيجابية وهذا يعني أن الخلف الخاص رغم اعتباره من الغير بالنسبة للعقد الذي أنشأ حق الارتفاق أو الرهن إلا أنه ملزم  بالتزام إيجابي.
 فهل هذا يكون نتيجة نفاذ الحق أم استثناء من مبدأ نسبية العقد واستعمال نفاذ العقد كوسيلة لتحقيق هذا الاستثناء ؟ فوفقا للنظرية الشخصية  NEO PERSONNALISTE يعتبر الالتزام العيني هو الجانب السلبي للحق العيني وبالتالي نفاذه يكون نتيجة نفاذ الحق العيني.
فالحق العيني الوحيد النافذ في مواجهة الجميع والذي يوجب احترامه من الجميع هو حق الملكية ، ولكن مالك العين المثقلة بحقوق عينية كالرهن        و الارتفاق ليس غيرا ملزما بالتزام سلبي عام ولكنه مدين ملزم في مواجهة دائن معين   .
ففي هذه الحالة  تقوم علاقة بين شخصين هما الدائن وهو صاحب الحق والمدين وهو مالك العين التي انتقلت إليه مثقلة بالتكليف العيني وبالتالي يكون المدين ملزم بالتزامات إيجابية وهو فعلا مدين بقيمة معينة ، هذه القيمة تتضمن إنقاص من قيمة العقار المثقل بالحق العيني فيما يعادل هذا الحق .
بينما الالتزام السلبي العام لا يظهر في الجانب السلبي للذمة المالية   ذلك لأنه لو استندنا إلى نفاذ الحق العيني لإقامة نفاذ حق عيني تبعي دون تفرقة بين صاحب الالتزام السلبي العام والشخص الملزم بالتزام محدد لما كان السلف ملزم بضمان الاستحقاق فمادام الحق نافذا باعتباره يمتزج مع الشيء فلماذا يرجع الخلف الخاص بدعوى ضمان الاستحقاق  في حالة استحقاق الغير جزئيا العين .
فيرى أصحاب هذه النظرية وعلى رأسهم GINOSSAR  أن الحق العيني كالحق الشخصي له الجانب الشخصي في العلاقة بين الدائن والمدين وهو حق  مطلق بالنظر إلى الدائن الغير، إذ التزام الحائز في الرهن  لا يمكن أن يكون عاما بل هو في مواجهة الدائن المرتهن .
وهذا يعني إعادة النظر في تقسيم الحق العيني ونفاذه ، فيعتبر الالتزام العيني المفروض على ملك الغير ملزم للخلف الخاص لأنه هذا الحق العيني هو ذاته  ولا يختلف عنه  .
وحتى لو اعتمدنا هذه النظرية فهي لا تفسر كيفية التزام الخلف الخاص بهذا الالتزام ولا يمكن تفسير ذلك خارج الاستثناءات الواردة على مبدأ نسبية العقد ذلك لأن الحائز في الحق العيني التبعي مثلا لم يلتزم شخصيا بل التزامه مرتبط بالعين فلا يمكن تفسير هذا الالتزام  إلا بالرجوع إلى المفهوم الكلاسيكي للحق العيني باعتباره علاقة بين شخص وعين وهذا الحق يمتزج مع الشيء فينتقل معه   وبالتالي لا يمكن تقبل هذه الالتزامات العينية إلا كملحقات حق عيني لتبرير نفاذها ، فلا يمكن أن تنشأ مستقلة ويجب أن تتضمن مفهوم الملحقات باعتبارها ضرورية لممارسة الحق العيني .
ولا يمكن إنكار أن هناك علاقة بين دائن ومدين (أشخاص معينين )وإن كان يرجع تفسير هذا الالتزام العيني إلى أصحاب النظرية الشخصية فلا يمكن الاستناد إلى رأيهم لتبرير نفاذها فالذي يفسر نفاذها هو مفهوم الحق العيني وفقا للنظرية الكلاسيكية .
وعلى كل لابد من التدقيق أنه لا يمكن للأشخاص تحويل كل الالتزامات الشخصية إلى التزامات عينية بل لابد أن يكون هذا الالتزام ضروري لاستعمال العين.
فالملحقات لا تكون إلا إذا كانت ضرورية لاستعمال حق الارتفاق كإصلاح الطريق لاستعمال حق المرور.
فعندما يكون استعمال الارتفاق ممكنا استقلالا عن عمل يقوم به الشخص فهذا العمل لا يمكن أن يكون التزام إيجابي.
فحق الارتفاق ولو  يمكن توقيته إلا أنه قد يبقى مادام الفائدة منه قائمة وهذه طريقة تجعل من التزام الشخص بالنسبة للعقار المرتفق به أبدي وهذا تأثير على حرية الأفراد.
فإذا كان الالتزام الإيجابي هو من ملحقات حق الارتفاق  فهو تابع له ونافذ نتيجة نفاذ حق الارتفاق ذاته ولكن إذا كان استقلالا عنه فهو استثناء من مبدأ نسبية العقد فيجب عدم استعمال  نفاذ العقد كوسيلة للوصول إلى ذلك  .
وتبدو الخطورة  من الالتزامات التي لم يحددها القانون ,أو تعرض لها بصفة عامة كنظام الملكية المشتركة وكذلك الحال بالنسبة للالتزامات التي ينشئها الأشخاص وتفرض لاتصالها بالعين ويكفي لنفاذها علم الشخص كالخلف الخاص بها وهو من الغير أصلا .

فهل يمكن للأشخاص تقرير التزامات شخصية وباتصالها بالعين تنتقل إلى الخلف الخاص وهل يعتبر هذا استثناء من مبدأ نسبية العقد أم تطبيقا لقواعد النفاذ؟
فهل القول مثلا بنفاذ نظام الملكية المشتركة بمجرد شهره  يعني ذلك إلزام الخلف الخاص بها ولو كانت التزامات شخصية محضة ؟
يلاحظ أنه إذا أعلن الخلف الخاص بنظام الملكية المشتركة و وافق عليه فهذا يعد تطبيقا للقواعد العامة في العقود إذ الموافقة تعني التزامه شخصيا   .
وكذلك إذا كانت التكاليف المنصوص عليها في نظام الملكية المشتركة ضرورية لحفظ الأجزاء المشتركة وإدارتها وتجديدها فهي تلزم الخلف الخاص بالتزامات إيجابية ولا يعد نفاذها كملحقات  لحق ملكيته للأجزاء المشتركة بل كملحقات للجزء الخاص  إذ تذهب غالبية الفقه إلى إنه لا يمكن التخلص من هذه الالتزامات العينية إلا بالتخلي عن الملكية الخاصة ذلك لأنه إذا اقتصر الأمر على التخلي عن الحصة الشائعة فإن المالك سيستمر في استعمال الجزء الشائع مما ينشأ منازعات متعددة ، لهذا لا يمكن التخلي عنها إلا بالتخلي عن الملك الخاص فهي من ملحقات الجزء الخاص للشركاء ويمكن إدماجها في نظام الملكية المشتركة و إلزام الخلف بها أما إذا كانت غير ضرورية لحفظ و إدارة وتجديد الملكية المشتركة فهي التزامات شخصية محضة.
وإذا كان يكفي إدراج هذه الالتزامات في نظام الملكية المشتركة للقول بأنها تلزم الخلف الخاص فإن نظام الملكية المشتركة أصبح يشبه لائحة(STATUT)  يلزم بها جميع  الشركاء سواء وافقوا أو لم يوافقوا وهذا خروج عن نطاق العقد إذا قلنا إنه يلزم الجميع .
وإذا كان البعض يرى فيها التزامات عينية فلابد من التقييد من هذا المفهوم وعدم استعمال نظام الملكية المشتركة كوسيلة لإلزام الغير بالتزامات شخصية فلابد من أن ينص المشرع صراحة على أن نظام الملكية المشتركة لا يمكن أن يتضمن إلا التزامات عينية دون الالتزامات شخصية وإلا كنا أمام استعمال النفاذ كوسيلة للخروج من إطار مبدأ نسبية العقد.
ففي القانون الجزائري يفرض نظام الملكية المشتركة متى تم شهرة  على الجميع سواء الشريك أو الخلف الخاص أو العام أو المستأجر
ولكن يجب  التدقيق في هذه المسائل لان استعمال نفاذ العقد بهذه الصفة يعني الخروج من إطاره إذا لم نكن أمام حق عيني إلا إذ تقبلنا بأن نظام الملكية المشتركة  حق عيني مستقل وجديد  أو القول أنه نظام وليس عقد لأنه لا يمكن الاستناد إلى قواعد النفاذ  لإلزام الغير في هذه الحالة بتكاليف خاصة ويشمل عندنا الخلف الخاص والمستأجر والخلف العام الذي يلزم بالتزامات شخصية للسلف.




ليست هناك تعليقات