مباشرة الدعوى وإجراءات التحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية
مباشرة الدعوى وإجراءات التحقيق
تم دعوة المحكمة الجنائية الدولية لمباشرة اختصاصها بنظر الجرائم التي تدخل في اختصاصها عن طريق شكوى تقدم لها من ثلاث جهات مختلفة وهي:
1- أي دولة طرف في النظام الأساسي للمحكمة ويترتب على ذلك أنه لا يحق للدولة التي ليست طرفا في هذا النظام التقدم بشكوى إلى المحكمة ومع ذلك يجوز لهذه الأخيرة أن تتقدم بشكوى إلى المحكمة إذا قبلت اختصاص المحكمة بنظر الجريمة قيد البحث .
2- مجلس الأمن وهو يتصرف في هذا الصدد بموجب الفصل السابع من الميثاق.
3- المدعي العام للمحكمة له الحق في القيام بالتحقيقات الأولية حول الجرائم التي أحيط علما بها ثم يأخذ إذا ما تأكد من الجرائم إذن الدائرة التمهيدية لمباشرة التحقيق الابتدائي وينتظر الإذن لبدء مهامه.
الفرع الأول: سلطات المدعي العام
تبدأ هذه الإجراءات بمجرد أن تتاح للمدعي العام معلومات معينة عن احتمال وقوع جريمة دولية تدخل ضمن اختصاص المحكمة فيعمل المدعي العام بناءا على ذلك على تحليل واستقصاء مدى صحة هذه المعلومات وجديتها ولهذا الغرض فإنه يمكنه الاستعانة الإضافية من الدول أو أية أجهزة أخرى
.
ومتى تحقق المدعي العام من توافر الجدية المطلوبة وتوصل إلى قناعة وجود أساس معقول لمباشرة التحقيق فإنه يقدم طلبا إلى الدائرة التمهيدية حتى يحصل على إذن ببدء التحقيق الابتدائي وعليه أن يرفق طلبه هذا بما جمعه أو حصل عليه من أدلة أو إثباتات تؤيده، كما يجوز للمدعي العام أن ينظر من جديد في اتخاذ قرار بما إذا كان يجب الشروع في إجراء تحقيق أو مقاضاة في ذات القضية استنادا إلى وقائع أو معلومات جديدة وكذلك في سبيل إثبات الحقيقة يقوم المدعي العام بإجراء التحقيقات اللازمة بما في ذلك تحقيقات في إقليم أي دولة طرف بعد إذن الدائرة التمهيدية وله أن يطلب حضور الأشخاص محل التحقيق والمجني عليهم والشهود لاستجوابهم وله أن يطلب تعاون أية دولة أو منظمة دولية حكومية لإظهار الحقيقة مع حفاظ المدعي العام على سرية المعلومات التي تحصل عليها ويتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على هذه الأدلة وجميع حقوق الدفاع بالنسبة للأشخاص محل التحقيق.
كما يجوز له بعد طلب من الدائرة التمهيدية إلقاء القبض على أي شخص يكون متهما في قضية منظورة أمام المحكمة إذا كانت مصلحة التحقيق تقضي بذلك، بعدها تصدر الدائرة التمهيدية أمر القبض إذا رأت أن الأسباب معقولة وتدعو للاعتقاد أن الشخص قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة وتأذن للمدعي العام بمباشرة التحقيقات الابتدائية.
إذا حدث وأن رفضت الدائرة التمهيدية الإذن بالتحقيق لعدم اقتناعها بجدية المعلومات المقدمة ولم تجد أسبابا معقولة لبدء التحقيق فإن هذا الرفض لا يمنع المدعي العام من تقديم طلب لاحق لها يستند إلى وقائع وأدلة جديدة بهدف فتح تحقيق حولها .وهنا يجوز للمدعي إرجاء البدء في التحقيق والمحاكمة لمدة 12 شهرا بناءا على طلب من مجلس الأمن لتتاح له الفرصة في اتخاذ قرار مناسب في هذه القضية.
الفرع الثاني: حالات عدم قبول الدعوى أمام المحكمة وأسبابه
قررت المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة أن الدعوى لا تكون مقبولة أمام المحكمة الجنائية إلا في الحالات التالية:
الحالة الأولى: إذا كانت دولة من الدول لها ولاية على الدعوى تجري تحقيقا أو محاكمة في هذه الدعوى ما لم تكن تلك الدولة غير راغبة في الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك وتكون غير قادرة بسبب انهيار كلي أو جوهري لنظامها القضائي الوطني أو بسبب قدرتها على إحضار المتهم أو عدم قدرتها على الحصول على الأدلة والشهادات الضرورية.
الحالة الثانية: لا تقبل الدعوى إذا كانت الدولة قد أجرت التحقيق وقررت عدم مقاضاة الشخص المعني ما لم يكن القرار ناتجا عن رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة.
الحالة الثالثة: لا يجوز للمحكمة إجراء المحاكمة إذا كان الشخص قد سبق وجودكم على السلوك موضوع الشكوى أي عدم جواز محاكمة الشخص عن جريمة واحدة مرتين.
الحالة الرابعة: إن لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر.
الفرع الثالث: الأشخاص أو الجهات التي يحق لها الطعن بعدم قبول الدعوى أو بعدم اختصاص المحكمة
هناك أشخاص وجهات عدة يحق لها الطعن بعدم قبول الدعوى وهي:
1- المتهم: أو الشخص الذي يكون قد صدر عليه أمر بالحضور أمام المحكمة أو أمر بإلقاء القبض عليه .
2- الدولة التي لها اختصاص النظر في الدعوى لكونها تحقق أو تباشر المحكمة في الدعوى أو لكونها حققت أو لكونها حققت أو باشرت المحاكمة في الدعوى.
3- الدولة التي يطلب قبولها بالاختصاص.
بذاك تفصل الدائرة التمهيدية في الطعون المتعلقة بعدم القبول أو الاختصاص ولا يجوز الطعن إلا مرة واحدة بعد اعتماد التهم تحال إلى الدائرة الابتدائية ويجوز الاستئناف أمام الدائرة الاستئنافية، وفي حالة تقديم طلب أو طعن بعدم القبول يجب على المدعي العام إرجاء التحقيق إلى غاية صدور قرار المحكمة مع أنه يمكن أن يقدم التماسا للمحكمة لمواصلة التحقيقات اللازمة لحفظ الأدلة، وأخذ أقوال الشهود والتعاون مع الدولة ذات الصلة لعدم فرار الأشخاص الذين صدر في حقهم أمر بإلقاء القبض.
في حالة ما إذا قررت المحكمة عدم قبول الدعوى جاز للمدعي العام أن يقدم طلبا لإعادة النظر في القرار عندما يكون على اقتناع تام بأن وقائع جديدة قد نشأت ومن شأنها أن تلغي الأساس الذي سبق وإذا انتهى المدعي العام والدائرة التمهيدية إلى اعتماد التهم الموجهة إلى المتهم فإن الدعوى تحال إلى الدائرة الابتدائية بقرار من الدائرة التمهيدية.
وبذاك المحكمة الجنائية الدولية لا تكون مختصة بالنظر في الجرائم إلا في الحالات التي ترفض فيها الدولة وتكون عاجزة عن ذلك، وفي الحالات التي تتم فيها المحاكمة بشكل صوري متعمد قصد حماية الشخص المتهم من المسؤولية الجنائية عن جرائم داخلة في اختصاص المحكمة.
أضف تعليق