إعلان علوي

الاختصاص الشخصي للمحكمة الجنائية الدولية


الاختصاص الشخصي للمحكمة
جاء النص على الاختصاص الشخصي للمحكمة في المواد 25 وما بعدها حيث يقصد بالاختصاص الشخصي اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الأشخاص الطبيعيين فقط لا تسأل أمامها الأشخاص المعنوية أو الاعتبارية من دول أو منظمات أو هيئات تتمتع بالشخصية الاعتبارية ([45]).
لم يكن الاختصاص القضائي الدولي يشمل الأفراد إذ كان اختصاص محكمة العدل الدولية بحكم المادة 34 من نظامها الأساسي يمتد ليشمل الدول فقط لذلك عند إنشاء المحكمة الجنائية الدولية قيل أنها جاءت لتقوم بدور تكميلي لوظائف محكمة العدل الدولية وذلك بتوفير نظير جنائي لاختصاصها المدني وتوسيع نطاق الاختصاص القضائي الدولي بحيث يشمل الأفراد .
* لقد حسم النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في قضية المسؤولية الدولية وهل تسأل الدولة خبايا أمام المحكمة أم أن المسؤولية الجنائية الدولية تثبت فقط في حق الأشخاص الطبيعيين وهذا ما أجابت عليه المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة وبينت أن الاختصاص يثبت فقط في حق الأشخاص الطبيعيين حيث أن الشخص الذي ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسئولا عنها بصفته الشخصية، كما يكون معرضا للعقوبات المقررة في هذا النظام الدولي، وبالتالي استبعدت نظرية المسؤولية الجنائية الدولية أو للمنظمة الدولية في هذا النظام حيث أن هذه المسؤولية مدنية بحتة على الأقل إلى وقتنا الحاضر كما يسأل الفرد خبايا أمام المحكمة ويوقع عليه العقاب، إذ كان فاعلا لجريمة تدخل في اختصاص المحكمة أو حتى شريكا في ارتكابها في أي من الصور المنصوص عليها في هذا النظام. كما يسأل في حالة الشروع في ارتكاب أي من هذه الجرائم، ويخرج من اختصاص المحكمة الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة وهكذا تكون المحكمة قد أقرت المبدأ المعترف به في النظم القانونية العقابية الرئيسية في العالم وهو عدم جواز محاكمة الأحداث أمام محاكم عادية إحالتهم إلى محاكم خاصة بهم.

لقد أقر النظام الأساسي للمحكمة محاكمة كل شخص يثبت ارتكابه جريمة من الجرائم الواردة في المادة 5 بغض النظر عن الصفة الرسمية للشخص، لذلك من ثبت ارتكابه لجريمة من تلك الجرائم فإنه يعاقب حتى لو كان رئيسا لدولة أو حكومة أو عضوا في حكومة أو برلمان أو موظفا حكوميا، فإن هذه الصفة لا تعفيه من العقاب بموجب هذا النظام عن الجرائم التي قد ارتكبها أثناء وجوده في منصبه ولا تشكل تلك الصفة في حد ذاتها سببا لتخفيف العقوبة لذلك فإن هذا النظام لم يعترف أو يعتد بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية المقررة لبعض الأشخاص في القانون الدولي كالحصانة الدبلوماسية المقررة لرئيس الدولة ووزير الخارجية والمبعوثين الدبلوماسيين. كما أضاف النظام حكما خاصا بمسؤولية القادة والرؤساء عن الجرائم التي يقترفها من يكون تحت إمرتهم أو رئاستهم حيث قررت المادة 28 من النظام مسؤولية القائد العسكري أو الشخص القائم بأعمال القائد العسكري مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والتي ارتكبتها قوات تخضع لإمرته وسلطته وذلك بشرطين:
1- أن يعلم القائد أن قواته ترتكب أو على وشك ارتكاب إحدى الجرائم.
2- إذا لم يتخذ القائد جميع التدابير اللازمة في حدود سلطته لمنع هذه الجرائم.
لقد قررت المادة 28 حكما يتعلق بمسؤولية الرئيس عن أعمال مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليين بسبب عدم ممارسته سيطرته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة في الحالات التالية:
1- إذا كان الرئيس قد علم أو تتجاهل عن وعي أية معلومات تبين أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك ارتكاب هذه الجرائم.
2- إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج في إطار المسؤولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.
3- إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة .
 
  وفي آخر هذا المطلب نعرج على أن نظام المسؤولية أدرج بوضوح لأول مرة في الاتفاقية الأوروبية حول مقاضاة أو معاقبة كبار مجرمي الحرب في 08-08-1945 والمعروفة بمعاهدة لندن ومن ثم أصبح للمسؤولية أهمية بالغة كوسيلة تحول دون ارتكاب هذه الأفعال وتأمين فاعلية مراعاة قواعد القانون الدولي مع استثناء أن حكم المادة 26 من النظام قد أعفى من الاختصاص أي شخص يقل عمره عن 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة وهذا ما يتعارض مع مبدأ التكاملية إذ أن المحكمة تختص في حالة عدم رغبة القضاء الوطني من ممارسة اختصاصه أو عدم قدرته بالإضافة إلى ذلك جاء نص المادة 31 كسبب من أسباب امتناع المسؤولية الدولية بالنسبة لمرتكبي الجريمة وهو يعاني من مرض أو قصور عقلي يعدم لديه القدرة على الإدراك والتمييز مثل الجنون أو غيره من الاضطرابات العقلية أو كان في حالة سكر اضطراري أو تحت إكراه معنوي ناتج عن تهديد بالموت الوشيك أو بحدوث ضرر بدني جسيم مستمر أو واقع تحت تأثير قوة قاهرة أو حادث فجائي أما المادة 32 أوردت الغلط في الوقائع أو القانون كسبب من أسباب امتناع المسؤولية ولكن بشرط أن يكون هذا الغلط قد أدى إلى انتفاء الركن المعنوي المطلوب لارتكاب الجريمة.



ليست هناك تعليقات