إعلان علوي

العقوبات المقررة لجريمة الرشوة الانتخابية في الجزائر


العقوبات المقررة لجريمة الرشوة الانتخابية في الجزائر
لقد تشدد المشرع خلال المادة 211 من القانون العضوي رقم 16/10 المتعلق بنظام الانتخابات في عقوبة جريمة الرشوة  الانتخابية واعتبرها جنحة معاقبة بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من 200.000 دج إلى 1.000.000 وقبل ذلك كان المشرع الانتخابي يحيل إلى قانون الوقاية من الفساد ومكافحته في تحديد عقوبة جريمة الرشوة ، والتي جاءت متطابقة بين القانونين 
ويبدو للوهلة الأولى أن المشرع الجزائري تعامل مع جريمة الرشوة الانتخابية على أساس مساواتها بالرشوة العادية التي يرتكبها الموظف العام ، على الرغم من اختلاف هدف وأطراف كل منهما، فإذا كانت الرشوة العادية تؤدي إلى فساد الوظيفة العامة في الدولة، فإن الرشوة الانتخابية تؤدي بحسب رأينا إلى فساد العملية الانتخابية وبالتالي فساد الديمقراطية التي هي أساس الاستقرار لأي وظيفة داخل الدولة، مما يقتضي بنظرنا أن يختلفا بالتبعية في نوعية وطبيعة العقوبات المقررة لكل واحدة منهما.
واللّافت للانتباه أنّ المشرع الجزائري أقرّ إلى جانب العقوبات الأصلية المشار إليها عقوبات أخرى تكميلية ووجوبية، ولكن ليس من خلال قانون الانتخاب ،أو قانون الوقاية من الفساد بل من خلال المادة 106 من قانون العقوبات الذي جاء فيه ” أن كل مواطن يشتري أو يبيع بأي ثمن كان بمناسبة الانتخابات يعاقب بالحرمان من حقوق المواطن ، ومن كل وظيفة أو مهمة لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر
ومن خلال هذا النص يتبين لنا أن المشرّع الجزائري استخدم مصطلح مواطن بدل مصطلح موظف أو شخص، ورغم أهمية هذا مصطلح؛ لأنه يستوعب كل من يتلاعب بالأصوات الانتخابية سواء كان ناخبا أو مرشحا أو وسيطا أو غير ذلك ، إلا أنه لا يستوعب الشخص الاعتباري الذي يتاجر بالأصوات الانتخابية، لهذا يكون من الأفضل لو يستخدم المشرع مصطلح “شخص”  بدل مصطلح ” مواطن “
وبناء عليه أصبح العقاب على جريمة الرشوة الانتخابية يتجاوز الإحالة المباشرة والصريحة من القانون العضوي للانتخاب إلى قانون الوقاية من الفساد ومكافحته كما كان عليه الحال قبل صدور القانون العضوي 16/01 المتعلق بنظام الانتخابات ليطال قانون العقوبات، مما يدفع حتما إلى القول أن منطق الإحالة التي اعتمدها المشرع الانتخابي تبقى غير سليمة ودون جدوى خاصة وأننا بصدد نصوص جنائية لا يحتمل فيها التأويل أو التفسير، مادام أن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته فلت من نطاقه تحديد العقوبات التّكميلية لجريمة الرشوة.
والجدير بالذكر بعد ما سبق أنه أضافت المادة 211 في فقرتيها الأخيرتين من القانون العضوي 12/01 عذر قانوني يعفي من العقوبة لكل من قبل هبات نقدا أو عينا، وأخطر السلطات المعنية بالوقائع ، كما يتعين تخفيض العقوبة إلى النصف متى تم تبليغ السلطات بعد مباشرة الإجراءات
         ويبقى لنا أن نشير في الأخير أن المشرع الجزائري ومن خلال القانون العضوي للانتخاب أقر صراحة أنه في حالة النطق بالعقوبات المقررة في المادة 211 من قانون الانتخابات، فإن ذلك يكون سببا كافيا لإلغاء نتائج الانتخاب وإعادته من جديد، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على خطورة، وتأثير جريمة الرشوة الانتخابية على مسار العملية الانتخابية ككل، وليس أدل على ذلك من تشديد المشرع في عقوباتها.

ليست هناك تعليقات