إعلان علوي

الحرص على التوفيق بين النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومختلف الأنظمة القضائية


الحرص على التوفيق بين النظام الأساسي للمحكمة ومختلف الأنظمة القضائية
حسب المادة الأولى من النظام الأساسي التي تنص على انه تنشأ المحكمة الجنائية الدولية وتكون المحكمة هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص إزاء اشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدولي، إذن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يعتبر اختصاصا مكملا للولايات القضائية الوطنية، وهو نظام قضائي دولي نشأ بإرادة الدول المنضمة إليه ولا تطبق أحكامه بأثر رجعي واختصاصها اختصاص مستقبلي مكمل لاختصاص القضاء الوطني ويكرس المسؤولية الفردية فقط.
إن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حرص على وضع علاقة متوازنة بين النظام الأساسي والنظم الوطنية، وذلك بهدف تسهيل قبول الدول المشاركة في المؤتمر لفكرة المحكمة الجنائية الدولية بحيث يجعل توازن العلاقة تكاملية بين الأنظمة القضائية الوطنية والنظام الأساسي للمحكمة، وهذا يعني أن الدول الأطراف في النظام ينعقد لها حق الاختصاص أولا بنظر الجرائم الدولية، وتأتي المحكمة الجنائية الدولية في المرتبة الثانية بهذا الخصوص لذلك ينعقد الاختصاص لهذه المحكمة عندما تكون المحاكم الوطنية غير قادرة على النظر في الجرائم الدولية وكذلك عندما تكون غير راغبة في ممارسة هذا الاختصاص.
عن مبدأ التكامل لا يقصد به أن تحل المحكمة الجنائية الدولية محل المحاكم الوطنية أي لا تعتبر محكمة عليا منشأة لإعادة النظر في القرارات القضائية الوطنية، بل أنشئت فقط للوصول إلى الثغرات التي تؤدي خلالها الحصانة التي يتمتع بها بعض الجناة في الجرائم الدولية إلى تعطيل ولاية القضاء الوطني أو فقدان الإيمان بها  وبالتالي فإن المحاكم الوطنية تعتبر صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر الدعاوى الجنائية الخاصة بالجرائم الدولية ويكون حكمها حكما حائزا لقوة الشيء المقضي به ولا تجوز محاكمة الشخص مرة أخرى وعلى ذات الجريمة وهذا يعني أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بالسمو على القضاء الوطني الداخلي.
 
- لقد جاء النظام الأساسي مؤكدا على عدم تعارضه مع القوانين والتشريعات الوطنية، وهذا ما نصت عليه المادة 80 من النظام وقد تعلقت بالعقوبات التي توقعها المحكمة وهذا يعني:
1- أن وجود عقوبة في قانون دولة ما ليست موجودة في النظام الأساسي للمحكمة أو عدم وجود عقوبة في قانون دولة ما موجودة في ذلك النظام لا يشكل عارضا بين النظام وقانون تلك الدولة.
2- يمكن أن تطبق عقوبات من طرف الدولة غير تلك المنصوص عليها في النظام كعقوبة الإعدام مثلا إن كانت منصوصا عليها في قانونها رغم عدم النص عليها في النظام الأساسي.
3- إذا ما حوكم متهم أمام القضاء الوطني وحكم عليه بعقوبة اشد من تلك المنصوص عليها في النظام الأساسي فإنه ليس له التمسك بقاعدة القانون الأصلح للمتهم على اعتبار أن دولته مصادقة على النظام الأساسي للمحكمة وبالتالي كونه أصبح من قوانينها.
من كل ذلك يتضح أن مؤتمر روما قد حرص في صياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مراعاته للقوانين الداخلية لكل الدول الأطراف مع مراعاة النظام لمبدأ التكاملية والتعاون، ولا يترتب عن ذلك مساس بالسيادة الوطنية للدول الأطراف، وهذا هو المطلوب في كل نظام دولي يرجى أن يطبق ويلتزم به المجتمع الدولي .

ليست هناك تعليقات