إعلان علوي

عدم جواز التحفظ على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية


عدم جواز التحفظ على النظام الأساسي للمحكمة
قبل التطرق إلى عدم جواز التحفظ وجب تعريف التحفظ والذي يقصد به حسب المادة 02 فقرة 01 من اتفاقيتي فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 و 1986 بأنه إعلان من جانب واحد أيا كانت صيغته أو تسميته يصدر عن الدولة عند توقيعها أو تصديقها أو قبولها أو موافقتها أو انضمامها إلى معاهدة، وتهدف به إلى استبعاد أو تعديل الأثر القانوني لأحكام معينة في المعاهدة من حيث سريانها على هذه الدولة .
يتضح من هذا التعريف أن التحفظ إجراء رسمي يصدر عن إحدى الدول أو المنظمات الدولية عند التوقيع أو التصديق أو الانضمام إلى معاهدة دولية تسعى من ورائه إلى تعديل أو استبعاد أحكام معينة في تلك المعاهدة وينتج عن التحفظ إذا تم قبوله الحد من آثار المعاهدة بالنسبة للدولة أو الدول أو المنظمات الدولية المتحفظة وذلك في مواجهة الدول الأطراف وتلك التي قد تصير طرفا في المعاهدة. إن الأثر المباشر للتحفظ هو إلغاء الحكم القانوني الوارد في نص أو أكثر من المعاهدة واعتبار هذا الحكم غير نافذ في مواجهة الدولة أو المنظمة الدولية التي أيدته أو اعتبرته نافذا، ولكن تحت شروط معينة لم ترد في المعاهدة، أما بالنسبة لأهمية التحفظ فيرى معظم شراح القانون الدولي أن التحفظ على المعاهدات الدولية يتمتع بأهمية كبيرة بسبب ازدياد عدد الدول المشتركة في المعاهدات الدولية رغم اختلاف أنظمتها السياسية والاقتصادية والعمل الدولي الحديث أثبت أن استخدام التحفظات هو الذي يمكن الدول من أن تصبح أطرافا في المعاهدات الدولية التي لا تقبل ببعض أحكامها،فهو بذلك أصبح وسيلة بموجبه تتخلص الدول من الصعاب التي تعوق التعاون الدولي، فالأفضل أن تصبح الدول في المعاهدات الجماعية ولو بطريقة غير كاملة خير من استبعادها كلية من تلك المعاهدات.
لقد عالجت اتفاقيتا فبينا لقانون المعاهدات لعامي 1969-1986 أحكام التحفظ في المواد 19 إلى 23 واعتبرت هذه الأحكام من أكثر الموضوعات دقة وصعوبة بسبب تداخل الحكام ووجود القواعد العامة والإنشاءات التي ترد عليها وقد تضمنت هذه المواد الأحكام المتعلقة بكيفية إبداء التحفظات وكيفيات قبولها والاعتراض عليها ثم الآثار المترتبة عنها وسحب التحفظات والاعتراض عليها فقد جاء في المادة 19 أنه يجوز للدولة أن تبدي تحفظا على المعاهدة عند توقيعها أو التصديق عليها أو قبولها أو الموافقة عليها أو الانضمام إليها باستثناء الحالات التالية :
- إذا كان التحفظ محظورا في المعاهدة.
- إذا كانت المعاهدة تحيز تحفظات معينة ليس من بينها ذلك التحفظ.
- في الحالات التي تشملها الفقرات (أ)، (ب) إذا كان التحفظ مخالفا لموضوع المعاهدة الغرض منها.

ومن بين الاستثناءات ما أخذ به النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وجاء في نص المادة 120 أنه لا يجوز إبداء تحفظات على هذا النظام الأساسي ولعل السبب في ذلك هو تجنب ما يسببه التحفظ من آثار قانونية ويتمثل في تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل ويقصد به الأثر التبادلي الذي يحدثه التحفظ، فالدولة المتحفظة لا تلتزم بالحكم أو النص المتحفظ عليه فإن الدول الأخرى لا تلتزم بتطبيق تلك الأحكام أو النصوص، وعدم الالتزام يؤدي إلى إفراغ النظام الأساسي من محتواه وبالتالي التأثير على عمل المحكمة الجنائية الدولية وربما حتى على وجودها لذلك كان النظام الأساسي للمحكمة كلاّ لا يتجزأ إما يؤخذ كاملا أو يترك كاملا ،والهدف من ذلك هو الحفاظ على وحدة الاتفاقية وتكامل نصوصها، لكن من جهة أخرى سمح النظام الأساسي للدول الأطراف بعدم قبولها اختصاص المحكمة لمدة 07 سنوات من بدء سريان النظام وذلك فيما يخص جرائم الحرب وفي الواقع يعتبر تحفظا يمكن أن تبديه أية دولة مصادقة على النظام الأساسي مسبقا وهذا يتنافى ومبدأ عدم جواز التحفظ وهو يمس بوظيفة المحكمة نفسها ويؤدي إلى إفلات الجناة من العقاب وهو هدر لما وجدت من أجله المحكمة.




ليست هناك تعليقات